f مدونة إعادة نظر: حتى لا تصبح الفوضى عقابا جماعيا لمدينة!!

الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

حتى لا تصبح الفوضى عقابا جماعيا لمدينة!!




أخيرا ظهرت بارقة أمل، وتبث أن ثمة بين إطارات المدينة من لا تزال الحياة تدب في هياكله.
أخيرا هناك من يرفع صوته دفاعا عن القصر الكبير، التي أصبحت مدينة مستباحة لا يعرف فيها أين يبدأ السوق ولا أين ينتهي، لا أين يبدأ الرصيف (إن وجد) ولا أين ينتهي، والتي تتماها فيها أمارات التمدن مع مظاهر البداوة، فالدواب تزاحم الناس في طرقاتهم بروثها، الذي يحقق المعجزات ويجعل "الزفت" يصفر وينبت الزرع

، و"الكاريوات" تنافس الحافلات وسيارات الأجرة وتتفوق عليها حتى في "شارع محمد الخامس" (وهو بالمناسبة لا يشبه نظيره الرباطي أو الطنجي إلا في الاسم).


أخيرا، هناك من يعلن أن الفوضى ليست قدرا إلهيا لا نملك له ردا، وليست طبيعة ملازمة للمدينة منذ شاء الله أن تعمر وتسكن، وأن القصر الكبير لا تستحق أن تدخل كتاب غينيس كأكبر سوق مفتوحة، بل كأقدم حاضرة ذاقت طعم التمدن وعاشته حين كان غيرها بوادي وقفار. أخيرا، هناك من لملم بعض الشجاعة ليقول: الفوضى بالقصر الكبير قرار سياسي !!

هناك اليوم حراك يحاول، على استحياء، ململة الوضع التنظيمي الشاذ الذي تعرفه القصر الكبير، وصورة تتشكل؛ عناصرها: بيان لإطار حقوقي محلي ينادي بمطلب أساس هو تحرير الملك العام من قبضة المنتفعين، ويعرض لأجل ذلك برنامجا نضاليا واضحا عبر وقفات احتجاجية متعددة. بيان لحزب سياسي يتولى تدبير الشأن العام، ألقى بكرة ملتهبة إلى شباك السلطة المحلية متهما إياها بالتخلي عن مسؤولياتها القانونية، وعدم الاكتراث بـ" حالة الفوضى العارمة التي تعرفها جل شوارع المدينة نتيجة احتلال الأرصفة والشوارع والساحات من قبل الباعة المتجولين" و "الاختلال الخطير الذي تعرفه حركة السير والجولان بالمدينة من انتهاك للشوارع الممنوع المرور منها والوقوف بها، وكذلك تجوال العربات المجرورة بالأحصنة"، مخلفا عاصفة من الجدل بين من يرى فيه تنصلا من المسؤولية ومن يعتبر البيان فضحا للسلطة التي تخلت تماما عن مزاولة أدوارها القانونية. وصمت مطبق للفعاليات السياسية التي حنت لأنين شجرة، لكنها صمت عن صراخ مدينة استباحتها الفوضى، ربما لأن السياسة في مدينتنا العزيزة هي عمليات حسابية بسيطة للربح والخسارة، وطالما أن ربح الصمت مضمون عبر إحراج من هم في موقع التدبير، و طالما أن الخسارة عائدة على المواطن البسيط وحده، فالحكمة السياسوية تقتضي استثمار حالة الفوضى وجني ريعها الإنتخابي.

على الجانب الآخر من كل هذا، المواطن القصري الذي لا تشغله كثيرا حسابات كل طرف، ولا تهمه أيضا النصوص القانونية التي توزع المسؤوليات ولا التجاذبات السياسية على المستوى المركزي والمحلي، ولا تعنيه مراسلات نيابية بين الكبار يجهل وجودها من الأساس بفعل حكامة لا تحفل كثيرا بالتواصل، المواطن الذي لا يريد أكثر من رصيف يسلكه آمنا، ومدينة جديرة بالحياة، له ولأبنائه.

لقد أظهرت وزارة الداخلية في أكثر من مناسبة أنها حاضرة بالقصر الكبير، تسمع وترى، وتطلع على قرارات المنح والمنع، وعلى زلات اللسان، فهل تصلها أصداء حراك تحرير الشوارع والأرصفة والساحات بالقصر الكبير؟ هل تعيد لهذه المدينة مقومات المدينة؟ لا نملك سوى الرجاء، لأن ما تعلمناه في المدارس والجامعات يقول: حق الناس في استعمال طرقاتهم، أمنهم وسلامتهم، حقهم في الصحة والتعليم..حقهم في الكرامة..كلها من صميم التوجهات الكبرى للدولة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق