f مدونة إعادة نظر: 2010

الخميس، 11 نوفمبر 2010

النكوص..أو حاشية عربية على نظرية التطور


تفيد إحدى المقولات التي تستند إليها نظرية التطور، أن الأحياء الأكثر قدرة على المنافسة في ما يسمى "صراع البقاء"، هي تلك التي تبدي قدرة أكبر على التكيف مع محيطها. وهكذا مثلا، نجت سلاحف جزيرة غالاباكوس من الفناء لأنها استطاعت تطويل أعناقها، أكثر قليلا من بني جنسها في بقية العالم ، حتى تتمكن من الوصول إلى النباتات العالية في الجزيرة. يزعم التطوريون أيضا، أن الأعضاء المستعملة تتطور وتتقوى، بينما تضمر الأعضاء المعطلة وغير المستعملة بمرور الوقت، وتنتقل ضامرة إلى بقية أجيال النوع. وبهذه الطريقة، اعتبر لامارك أن الثعابين كان لها أطراف فقدتها لأنها أهملت استعمالها ولم تكن بحاجة إليها.

بطبيعة الحال، لا يتوقف دارون عند السلاحف أو الثعابين، بل يسقط قوانينه على كل الكائنات الحية، بما فيها الإنسان. لكن ماذا لو تسنى لداروين بعد أن أتم خلاصاته حول أجداده الكرام ووصل إلى آخر جذر في شجرته العائلية، أن يخصص بعضا من الوقت لاستشراف صيرورتنا التطورية

الأربعاء، 27 أكتوبر 2010

عن الأسد والثور .. وخلافات السياسة


قال لي صديق الأسبوع الماضي :من المؤسف جدا أن النهاية الفاجعة لقطيع الثيران الثلاثة، الأحمر والأبيض والأسود، كانت بلا جدوى ولم تخلف أية عبرة للأجيال اللاحقة، التي لايبدو أنها تأبه كثيرا لمصير اسلافها الثلاث ولا لبيدبا الحكيم ونصائحه، أو حتى لعبد الله بن المقفع وما تكبده من عناء وهو يفك لها طلاسم السنسكريتية، لعلها تعقل أو تتعظ. أعقاب الثيران التي تعيش بين ظهرانينا، تعتقد أنها ليست غبية لتسلم الحظيرة بمن فيها للأسود، فهي أولى من السباع بالأبيض والأحمر والأسود..ثيران اليوم لها مخالب وأنياب.. والذكي منها، كما سمعت من ثور مثقف، هو من يأكل بنفسه لحم إخوانه، فحظيرة الثلاثة، قد تكفي الواحد القنوع.

الأربعاء، 13 أكتوبر 2010

بعض ما لا يباع ..أو مكتبة الاستاذ العسري






اجتياز عتبة مكتبة الاستاذ محمد العربي العسري بشارع الزرقطوني نقلة بين عالمين متباعدين رغم التجاور الظاهر. عالمان لكل منهما زمنه الخاص وإيقاعه المستقل ولغته المختلفة. عالم السوق الصاخب المزدحم، حيث كل شيء مسعر، وكل معروض قابل للأخذ والرد والمفاصلة، وحيث القيمة لا تعني أكثر من رقم. وآخر مسكون بالثقافة والأدب، للفكر فيه صخب صامت وألق مستتر لا يتجلى لأي عين، حيث القيمة روح لا تدركها الأرقام. كأن تلك المكتبة، على ضيق مساحتها، أرض رباط للمعنى ،و ثغر ثقافي مازال يقاوم باستماتة قيم التسلع الزاحفة التي تغتال كل جميل في مدينة القصر الكبير وتمسخها سوقا كبيرا مستباحا.

أول ما يسترعى الانتباه آن دخول المكتبة، هو الصور التي تحتفي بها الجدران. صور لعلماء وأدباء وفنانين سقطوا سهوا من ذاكرتنا المعتلة.. أو ربما أسقطوا. صور بالأبيض والأسود، طالها اصفرار

الثلاثاء، 28 سبتمبر 2010

حتى لا تصبح الفوضى عقابا جماعيا لمدينة!!




أخيرا ظهرت بارقة أمل، وتبث أن ثمة بين إطارات المدينة من لا تزال الحياة تدب في هياكله.
أخيرا هناك من يرفع صوته دفاعا عن القصر الكبير، التي أصبحت مدينة مستباحة لا يعرف فيها أين يبدأ السوق ولا أين ينتهي، لا أين يبدأ الرصيف (إن وجد) ولا أين ينتهي، والتي تتماها فيها أمارات التمدن مع مظاهر البداوة، فالدواب تزاحم الناس في طرقاتهم بروثها، الذي يحقق المعجزات ويجعل "الزفت" يصفر وينبت الزرع

الاثنين، 24 مايو 2010

مجتمع الفصام





أيقنت عبر تجربتي مع القطارات أن هذه الصناديق الحديدية المتحركة أكبر من أن تكون مجرد وسيلة نقل باردة، فهي فضاء اجتماعي مثالي لممارسة لعبة الأقنعة بما أنها تجمع على خشبة واحدة ولمدد زمنية محددة شخصيات من خلفيات متنوعة ومن مناطق متباعدة.

جميعنا نستطيع مباشرة بعد ابتياع التذكرة تقمص ما نشاء من الشخوص، وفق عظم المكبوتات وحسب درجة التشوه النفسي والاجتماعي، ونستطيع استعارة تاريخ شخصي حافل بالأمجاد، وتبني أكثر الأفكار تنورا وثورية، دون أية تبعات ولا التزامات

الاثنين، 12 أبريل 2010

كفوا مراثيكم عن القصر الكبير!!





تكتب المراثي عادة لاستذكار الغابرين ومن طوى الموت صفحتهم وغيبتهم سراديب التاريخ المغبرة، فيتغنى بفضائلهم وسالف أمجادهم إحياء لذكرى لا يستتبعها أكثر من الحسرات والدموع.ومن قدر الله لمدينة القصر الكبير أن جعل لها نصيبا وافرا من مراثي مثقفيها بل لعل الرثاء هو كل ما للمدينة منهم، مع ذرف العبارات الحارة على أزمنة غابرة تتراءى في مرآة الحنين وردية زاهية لا يشوب صفاءها تخريب العابثين ولا يكدر نقاءها غدر المفسدين. الرثاء فعل نبيل ودليل حب ووفاء، لكن حين يقال في الموتى، أما رثاء الأحياء فوأد وإقبار..والقصر الكبير مدينة حية.


لا اعتقد أن بمدينتنا حاجة لدموع من يشيعها حية بقدر حاجتها لعرق مسؤوليها وسياسييها وجمعياتها ومثقفيها والبسطاء من أبنائها