f مدونة إعادة نظر: عن الأسد والثور .. وخلافات السياسة

الأربعاء، 27 أكتوبر 2010

عن الأسد والثور .. وخلافات السياسة


قال لي صديق الأسبوع الماضي :من المؤسف جدا أن النهاية الفاجعة لقطيع الثيران الثلاثة، الأحمر والأبيض والأسود، كانت بلا جدوى ولم تخلف أية عبرة للأجيال اللاحقة، التي لايبدو أنها تأبه كثيرا لمصير اسلافها الثلاث ولا لبيدبا الحكيم ونصائحه، أو حتى لعبد الله بن المقفع وما تكبده من عناء وهو يفك لها طلاسم السنسكريتية، لعلها تعقل أو تتعظ. أعقاب الثيران التي تعيش بين ظهرانينا، تعتقد أنها ليست غبية لتسلم الحظيرة بمن فيها للأسود، فهي أولى من السباع بالأبيض والأحمر والأسود..ثيران اليوم لها مخالب وأنياب.. والذكي منها، كما سمعت من ثور مثقف، هو من يأكل بنفسه لحم إخوانه، فحظيرة الثلاثة، قد تكفي الواحد القنوع.


هكذا تحدث صديقي، بأسى وغضب، ثم مضى عابسا قبل أن يستمع إلى اعتراضي. لدي شك جدي في قصة ابن المقفع،وأعتقد أن "وشنو" قد افترى على الثيران ونسب إليها زورا وبهتانا عظيما، فلا يوجد ثور أو بقرة أو حتى عجل غر يمكن أن تصل به الحماقة إلى المبلغ الذي تنقله إلينا كليلة ودمنة في باب الأسد والثور. لقد راقبت الثيران منذ سمعت القصة صبيا، وأشهد أني ما رأيت أحدها قط، ينهش أخا له، أو يتآمر ضده، أو يشي به، أو يبهته بسوء. ما رايت ثورا قط يهدم الحظيرة، أو يقض أركنها، أو يعري سوءاتها أمام الكلاب والضباع. ما رأيت مثل هذا ولا سمعت به، فل سمعتم أنتم بنهر غره عمق مياهه فجفف ينابيعه واستغنى عنها؟ هل رأيتم مرة شجرة أسكرتها قوة فروعها الباسقة، فتأففت من جذورها الغائرة واقتلعتها؟ هل رأيتم فرعا مورقا أو مجدبا غار من آخ له فدبر لقطعه؟ هل رأيتم بوما أكل أخاه، أو ثعلبا فتك بفصيلته؟

كل التهم التي حشدها ابن المقفع و معه حكماء البراهما ساقطة، فالمكر والغدر والحمق، خطايا لا يمكن أن تعرف السبيل إلى غيلم من الهند أو ابن آوى من فارس أو ثور عربي، والتاريخ شاهد عدل، فسألوه. وحده الإنسان، بين كل مخلوقات الله، يمكن أن ينقض غزله ويتبر بنيانه. وحده يملك من الغباء ما يكفي كي يبيع أخاه الأحمر والأبيض والأسود، لأسد أو حتى لهر.

يا صاحبي الآسي، من رأيتهم يحرقون سفن التواد والتراحم حين بدا لهم سراب اليابسة، ومن أشعلوا نار الطيش في حصاد السنين قبل أن يستغلظ أو يستوي لم يكونوا ثيرانا، بل كانوا بشرا مكرمين، لا تنقصهم الكلمات المزركشة، ولا النوايا الطيبة. لكنهم بشر، على عكس كل حيوانات بن المقفع، ظنوا أن الأسنان إذا قطعت اللسان تكون قد ظفرت بالفم ، وأن الأصبع إذا اقتلع العين يسمى منتصرا.

(كلا إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى).. إن الإنسان ليطغى، حين يطرب لصوته وحين يستغني برأيه.

إن الإنسان ليطغى، وإن سمى استغناءه.. خلافا في وجهات النظر!

هناك تعليق واحد:

  1. u got it right men humin is the the one and only kind ho do that

    ردحذف